
اين المصرف المركزي من سرقة الصيارفة للشعب اللبناني ؟
لأول مرة منذ بداية الازمة المالية في لبنان قبل 4 اشهر و سعر صرف الليرة امام الدولار الاميركي يتخطى حدود ال 2500 ليرة لبنانية لدى الصرافين ,فإن كل ما يحصل يكشف عن تدهور اكبر قد يحصل في الايام القليلة المقبلة , حيث إن الدولار الأميركي يحتل حيّزاً مهماً في حياة اللبنانيين، أكان على صعيد إستيراد المواد الغذائية والمحروقات والأدوية والأدوات الطبية، أو حتّى على صعيد التعليم ببعض الجامعات الخاصة والتي عممت على طلابها قبل أشهر بضرورة دفع الرّسوم بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى أكثر الكماليات كالسيارات والهواتف النقالة والإلكترونيات وغيرها……فنحن بلدٌ يستورد ولا يُصدر.
وعلى ارض الواقع ,فإن سبب صعود الدولار اليوم بهذا الحد الكبير ,سببه المعطى السياسي المتعلق بتشكيل الحكومة فقط لا غير , اذ انه ما من تحول مالي او اقتصادي مفاجئ حصل بين ليلة وضحاها ليؤسس لتغير كبير في سعر الصرف , كما ان الحديث عن افلاس المصارف ليس الا “خزعبلات” لتخويف الناس اكثر . و لذلك فإن العديد من الخبراء يؤكدون ان اول سبب لصعود الدولار هو هلع الناس, ولا صحة لما يقال عن شح في السيولة ,كما ان الدولار متوفر بكثرة , و الدليل الاكبر هم الصرافون الذين يملكون من الدولار ما يكفي لتحريك السوق , ما يعني انه لا قيود على العملات الصعبة . وعلى صعيد الارقام بحسب خبراء فإن مصرف لبنان يضم اكثر من 50% من ودائع المصارف , ما يعني ان لديه 80 مليار دولار مجمدة ( نقدا و ذهبا) وهو ما يدفع للتساؤل عن حقيقة الارقام المعلنة من قبل البنك المركزي .
وفي هذا الصدد , تقول المصادر ان مجموعة كبيرة من الصرافين تعمد الى الاتيان بالدولار من المصارف بناء لإتفاق مسبق , لبيعه و تقاسم فرق العمولة بينهم وبين المصرف , وهذا غير عمليات التهريب عبر الحدود مع سوريا , كما ان هناك بعض التحويلات الخارجية غير الخاضعة للقيود , تساهم في ضخ الدولار في السوق , ووفقا” للخبراء فإن الدولار قد يصل الى 3000 ليرة مع استمرار المماطلة من الحد لهذا الفلتان , وهنا الامر الاخطر , حيث سيكون لبنان امام كارثة كبيرة و فادحة .
إن هذه الحاجة المُلحة لأهمية الدولار في حياة اللبنانيين، والأزمة الإقتصادية والسياسية التي تمرّ بها البلاد، فتحت شهية “مافيا الصّيارفة” لنهش ما تبقّى في “جيبة اللبنانيين” من عملة خضراء، والتجارة بها، ليُحققوا أرباحاً تزيد عن 250 مليون دولار في فترة شهرين من عمر “تفاقم الأزمة ” دون رادع ..
تفنن الصيارفة بالتجارة بأزمة اللبنانيين، وتلاعبوا بسعر صرف الدولار مستغلين قيام المصارف باتخاذ إجراءات استثنائية لحماية ودائع اللبنانيين وسعر الصرف، ليستفردوا بالمواطن ويتاجروا على حسابه محققين الأرباح لشخصهم، ومحققين الغلاء والخسارة للبنان والمواطن، حيث بلغ سعر صرف الدولار عند الصيارفة حدود الـ2500 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، علماً أنّ سعر الصّرف الرّسمي المحدد من قبل مصرف هو 1515 ليرة فقط .
المخيف في الأمر أنّ الصيارفة يعملون على هواهم، فليس هناك من يحاسبهم أو يسائلهم، فكل همهم أن يحققوا الأرباح على حساب جيبة اللبنانيين، غير آبهين بغلاء الأسعار الذي سببه حبّهم لتحقيق الربح وجشع التجارة، فصاروا تجار أزمات يستغلون الأزمة ويزيدون الطين بلة من أجل حفنة من المال، حيث تسببوا بنقص في بعض المواد الغذائية نظراً لتلاعبهم بسعر العملة الصعبة، وكذلك الأمر لبعض الأدوية والأدوات الطبية، أضف إليها الغلاء الجنوبي .
فإلى متى سيستمر بضع عشرات من الصيارفة وتجار الأزمات يستفردون باللبنانيين ويستغلون أزمتهم ويزيدونها تعقيداً ويرفعون مستوى الفقر والعوز ويخربون البيوت لإعمار الجيوب ويهدمون الإقتصاد للمصلحة الشخصية .
ومع هذا , فإن العامل الابرز لعدم وصول الدولار الى هذا الحد , هو اقتناع الناس بأن الازمة مفتعلة , وايضا” بتدخل المصرف المركزي مع الصيارفة للحد من المضاربات في الاسواق و لوضع حد للتفاوت في سعر الدولار .
