حرب غزة يمكن أن تُسقط إسرائيل بعد أشعال غضب العرب
كتب البريطاني ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” في مقاله حول حرب غزة بأنها كانت سوء تقدير كبير لإسرائيل، وبالإضافة إلى كونها كارثة أخلاقية وعسكرية فهي تؤجج المقاومة وتعيد إشعال جمر الغضب في جميع أنحاء العالم العربي.
ولفت هيرست إلى ما فعله الرئيس الأميركي رونالد ريغان بعد وابل إسرائيلي كثيف من القصف خلال حصار بيروت في يوليو/تموز 1982، حيث اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن مطالبا إياه بوقف القصف، وقال ريغان وقتها “هنا على التلفزيون ليلة بعد ليلة تظهر لشعبنا رموز هذه الحرب وهي “محرقة”.
وعلق الكاتب على ذلك بأنه خلافا للديمقراطيين في البيت الأبيض اليوم كان رئيس الولايات المتحدة الجمهوري ريغان قادرا ومستعدا لدعم أقواله بالأفعال، فأوقفت الولايات المتحدة الذخائر العنقودية وبيع طائرات “إف-16” إلى إسرائيل.
ووقوفا على حجم الدمار الإسرائيلي لغزة مقارنة بقصف قوات الحلفاء المدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية قال الكاتب أن 68% من مباني شمال غزة دمرت بحلول 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وذلك بعد شهرين فقط من القصف، وهو اصعب بكثير مما جرى في الحرب العالمية الثانية لأن دمار المدن في ذلك الوقت كان بعد سنتين من الحرب
وأضاف هيرست أن ما يقارب 20 ألف فلسطيني -70% منهم من النساء والأطفال- قتلوا في نصف الوقت الذي استغرقه إجبار منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرة بيروت في عام 1982.
ونبه إلى أن الدمار الذي لحق بغزة يضع الأساس لـ50 سنة أخرى من الحرب، ولن تنسى أجيال من الفلسطينيين والعرب والمسلمين أبدا الهمجية التي تفكك بها إسرائيل القطاع اليوم.
وأشار هيرست إلى أن هذه الرسالة فهمها بعض الإسرائيليين مثل الرئيس السابق لجهاز الأمن العام (الشاباك) عامي أيالون عندما حدد نقطة ضعف أساسية في التفكير التقليدي في الدوائر الأمنية الإسرائيلية، وهي أنه بينما يرى الجيش الإسرائيلي النصر من خلال منظور القوة الغاشمة -كلما قتل المزيد من الناس ودمر أكثر اعتقد أنه فاز- ترى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) النصر من خلال منظور “القوة الناعمة”، كلما اكتسبت المزيد من القلوب والعقول عظم النصر.
وذكر الكاتب أن الإسرائيليين يرتكبون الخطأ نفسه الذي ارتكبه الفرنسيون في الجزائر عندما قتلوا أكثر من 1.5 مليون جزائري بين عامي 1954 و1962 معتقدين أنهم بذلك سينتصرون في الحرب، ولكن بعد أن وضعت الحرب أوزارها اضطروا إلى الرحيل ومنحوا الجزائر استقلالها.
وتؤكد سلسلة من التقييمات الاستخباراتية الأميركية الارتفاع الكبير في شعبية حماس منذ بداية الحرب.
ويقول مسؤولون مطلعون إن الحركة نجحت في ترسيخ نفسها في أجزاء من العالم العربي والإسلامي باعتبارها مدافعا عن القضية الفلسطينية ومقاتلا فعالا ضد إسرائيل، حسبما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية.
وهذه أخبار سيئة -كما يقول هيرست- لجميع تلك الدول -وعلى رأسها الولايات المتحدة بطبيعة الحال- التي تظن أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تحل محل حماس في غزة، وهذه ليست مجرد أرقام، بل هو الواقع السياسي الجديد بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتابع الكاتب أن الهجوم الإسرائيلي على غزة أدى إلى تغيير منطقة الشرق الأوسط بالكامل كما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن ليس على النحو الذي قد تستفيد منه حكومته أو الحكومات المستقبلية.
وختم هيرست بأن “ميتوت حماس” (سقوط حماس) هو شعار باللغة العبرية وهو هدف حكومة الحرب الإسرائيلية، وبعد شهرين من هذا التدمير يمكنهم أيضا تعديله ليصبح “ميتوت إسرائيل”، لأن هذا هو التأثير الذي قد تحدثه هذه الحرب.