لن يُردع نتنياهو إلا بالعقوبات
كشفت مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مدى ضعف الموقف الأميركي وهشاشته أمام التعنّت الإسرائيلي، وفضحت إصرار رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، على مواصلة حرب الإبادة الوحشية ضدّ الشعب الفلسطيني. فبعد أن قال الرئيس الأميركي، بايدن، وأركان حكومته إنّ العرض المقدّم من الوسطاء (الولايات المتحدة ومصر وقطر) سخي للغاية، وإنّ العقبة التي كانت تعيق تنفيذه هي حركة حماس، وكرّر ذلك نتنياهو والمسؤولون الإسرائيليون، لكنّ “حماس” فاجأت إسرائيل والولايات المتحدة بموافقتها على العرض المقدّم، وأبدت مرونة من منطلق الحرص على وقف نزيف الدم الفلسطيني، وضمان وقف حرب الإبادة الإسرائيلية.
ورغم أنّ العرض نصّ على أنّ الضامن لتنفيذه بعد الموافقة عليه هي الولايات المتحدة نفسها، بالاضافة إلى قطر ومصر، إلا أنّ الإدارة الأميركية سارعت، بعد الرفض الإسرائيلي، لمّا كانت قد وافقت عليه، إلى استخدام لغة مائعة، وقبلت إعادة فتح الاتفاق للنقاش مجدّداً، وساوت بين المقاومة الفلسطينية التي وافقت، وإسرائيل التي رفضت، بعد أن كانت قد وافقت. وترافق ذلك كلّه مع بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في محافظة رفح، وما جرّته من معاناة لا توصف لمائتي ألف من الفلسطينيين المهجّرين في تلك المنطقة، والذين اضطروا للرحيل، للمرّة الخامسة على الأقل، من القصف الإسرائيلي، إلى مناطق لا توجد فيها أماكن تستوعب هذه الأعداد كلّها، ولا يتوفّر فيها ما يسد رمق الناس من ماء وغذاء وعلاج.
وأمعن نتنياهو في وقاحته وعدوانيته باحتلال الجانب الفلسطيني من معبر رفح، والذي لا توجد فيه قوات عسكرية للمقاومة، رافعاً العلم الإسرائيلي في محاولة مفلسة للبحث عن صورة نصر يأبى أن يتحقق، ومنفذاً لعملية تمسّ الأمن القومي المصري.